نعم وليس في الأمة المحمدية المفضلة على سائر الأمم بأفضلية نبيها - صلى الله عليه وسلم - ، وأفضلية ما جاء به الذكر الحكيم ، والدين القويم ، والصراط المستقيم ، فيكون الصحابة أفضل خلق الله تعالى بعد أنبياء الله تعالى ورسله ،
قال الله تعالى : ( سورة آل عمران الآية 110( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) قيل : اتفق المفسرون أن ذلك في الصحابة ، لكن الخلاف في التفاسير مشهور ، ورجح كثير عمومها في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وكذلك قوله تعالى : ( سورة البقرة الآية 143(- وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ )) وهذا خطاب للموجودين حينئذ ، وقال تعالى : ( سورة الفتح الآية 29(( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ )) الآيات ،
فليس في سائر الأمة المحمدية مثل الصحابة الكرام ، في الفضل بشاهد ما في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - : ". لا تسبوا أصحابي ، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل جبل احد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه " . وفي الصحيحين وغيرهما عن عمران بن حصين - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : خير الناس قرني ثم الذين يلونهم - قال عمران : فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة –
ثم إن بعدهم قوم يشهدون ولا يستشهدون ، ويخونون ولا يؤتمنون ، وينذرون ولا يوفون ، ويظهر فيهم السمن . وفي ، سنن أبي داود السنة ، مسند أحمد '' خير أمتي الذين بعثت فيهم ثم الذين يلونهم "
منهم
: العرباض بن سارية الفزاري السلمي. كنيته : أبو نجيح. وقيل أبو الحارث.
أحد الصحابة الكرام الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهو أيضا أحد أصحاب الصفة التي بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي كان يؤي إليها فقراء المهاجرين فكان النبي صلى الله عليه وسلم يحنو عليهم ويرحمهم ويشاركهم الطعام والشراب ، وأهل الصفة ليسوا أشخاصا تاركين للعمل ولا لطلب الرزق فإذا وجد أحدهم عملا يكفيه ترك الصفة وصار يأخذ معه من أهلها من يطعمهم ويسقيهم حسب استطاعته ، فكانوا مثلا على الزهد والقناعة وعلى الكرم عندما يملكون شيئا من المال.
وهو أحد (البكائين) الذين ذكرهم الله عز وجل في كتابه عندما لم يجدوا سلاحا ولا مركوبا يحملهم مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فتولوا وهو يبكون تفيض أعينهم من شدة الحزن فأنزل الله تعالى فيهم قوله تعالى في سورة التوبة : 92 :
{وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ }.
وقد سكن الشام فروى عنه أهلها ، وساق ابن عساكر في تاريخ دمشق عدة من أحاديثه ، وكذلك فعل الطبراني في مسند الشاميين.
وفاته :
توفي رحمه الله في سنة خمس وسبعين في أول خلافة عبد الملك بن مروان. وقيل : بل مات في فتنة ابن الزبير .
بعض أحاديثه التي سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم :
قال العرباض بن سارية رضي الله عنه :
" وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا قال :
أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة"