ولما فتح عمرو بن العاص قيسارية سار حتى نزل على غزة, فبعث
اليه علجها أن أرسل اليّ رجلا من أصحابك أكلّمه, ففكر عمرو وقال: ما لهذا العلج
أحد غيري.
فقام حتى دخل على العلج فكلّمه,
فسمع كلاما لم يسمع مثله قط.
فقال له العلج: حدّثني, هل من
أصحابك من أحد مثلك؟
قال لا تسأل عن هواني عندهم اذ
بعثوني اليك وعرّضوني لما عرّضوني, فلا يدرون ما تصنع بي.
فأمر له بجاشزة وكسوة, وبعث الى
البوّاب: اذا مرّ بك فاضرب عنقه وخذ ما معه.
فمرّ برجل من النصارى من غسان
فعرفه, فقال: يا عمرو, قد أحسنت الدخول فأحسن الخروج.
فرجع, فقال له الملك: ما ردّك
الينا؟
قال: نظرت فيما أعطيتني فلم أجد
ذلك ليسع بني عمّي, فأردت أن آتيك بعشرة منهم تعطيهم هذه العطيّة, فيكون معروفك
عند عشرة خيرا من أن يكون عند واحد.
قال صدقت, أعجل بهم.. وبعث الى
البوّاب أن خل سبيله. فخرج عمرو وهو يلتفت, حتى اذا أمن قال: لا عدت لمثلها أبدا.
فلما صالحه عمرو ودخل عليه العلج فقال له: أنت هو؟
قال: على ما كان من غدرك